الثلاثاء، 16 نوفمبر 2010

التجسيم في الفكر المعاصر (1)

طلع علينا في القرون الأخيرة جماعة تزعم أنها تتنسب إلى السلف وتتلبس اسم السلف، وما هي في الحقيقة إلا امتداد لفرق المشبهة التي انقرضت، ليس غرضنا أن نحكم على هذه الفرقة بالكفر أو بالإيمان ولن نتعرض لهذا فإن هذا له أهله المختصون، ولكننا سنكتب عما نراه يخالف اعتقاد أهل الحق ليحذر المسلم ولا يغتر بدعواهم أنهم أهل السنة وأنهم على عقيدة ومنهج السلف.

نعم هي فرقة مشبهة حتى وإن أبت هذه الوصف، فقد صرح كبار هذه الفرقة أن نفي التشبيه بين الله تعالى وبين مخلوقاته مطلقاً لا يصح، قال كبير منهم عندما سئل عن الفرق بين التشبيه والتمثيل:

"ثالثاً: أن نفي التشبيه على الإطلاق بين صفات الخالق وصفات المخلوق لا يصح، لأنه ما منا من صفتين ثابتتين إلا وبينهما اشتراك في أصل المعنى وهذا الاشتراك نوع من المشابهة: فالعلم مثلاً، للإنسان علم، وللرب سبحانه علم، فاشتركا في أصل المعنى، لكن لا يستويان، أما التمثيل فيصح أن تنفي نفياً مطلقاً"ا.هـ

انظر كيف كذّب بقوله تعالى (ليس كمثله الشيء)[الشورى] التي نص على نفي التمثيل والتشبيه من جميع الوجوه، وانظر كيف كذب على الله تعالى عندما ادعى أن أصل معنى صفة العلم مشترك بين الرب سبحانه وبين الإنسان، فالمشترك في الحقيقة هو اللفظ أما المعنى فغير مشترك أبداً، فهل علم الله كعلم البشر حتى يقال إن أصل المعنى مشترك؟ إن لصفات الله معنى لا يشابهه أي معنى ، يقول الإمام الطحاوي رحمه الله: "من وصف الله بمعنى من معاني البشر فقط كفر"ا.هـ



أهل السنة لا يفهمون من الكلمات التي تنسب إلى الله تعالى نفس المعنى الذي يفهم من هذه الكلمات إن نسبت إلى المخلوق، فإن الخالق سبحانه وتعالى يتنزه عن مشابهة أي شيء من الحوادث، وأما هذه الفرقة التي نتحدث عنها فقد شبهت الله بالحوادث وجعلته سبحانه من جنس مخلوقاته، فمن أمثلة ذلك أن القرآن نص على علو الله تعالى على خلقه، قالوا هو علو جهة حسي كعلو الغيوم فوق الأرض وكعلو الطائرة على الأرض أي ارتفاع مسافة، وأما أهل السنة فقالوا نؤمن بما جاء عن الله تعالى وأنه عال على خلقه، ولكن لا نضيف المعاني التي نفهما من المخلوقات لله تعالى لأن الله تعالى ليس كمثله شيء، فعلو ربنا ليس علواً حسياً ، ليس جهة حسية يطلق عليها اسم العلو.. ولكن هؤلاء يضيق صدرهم بتنزيهه سبحانه، فشنعوا على أهل السنة الذين نزهوا الله تعالى واتهموهم بالتعطيل.

وطريقتهم بالاستدلال على عقيدتهم عجيبة نوعاً ما، فتراهم ينقلون الآيات والأحاديث والآثار التي تتحدث عن المسألة، وكأن أهل السنة ينازعونهم في ثبوتها أو ينكرونها! إنه اختلاف في فهم النصوص وليس اختلافا في ثبوتها.

يتبع إن شاء الله تعالى